كتب – سكينة مدحي
كل الأحاسيس الإنسانية الجميلة والسامية مبنية على التبادل لكي لا تكون متعبة وتكون مريحة، أيا كانت.. ابوة، اخوة، زواج، صداقة.. ايا كانت، فالثقة ان لم تكن متبادلة كانت متعبة، الاحترام، المحبة، التقدير .. فإن صادقت من صادقك لم تتعب و لم تتأذى وإن وثقت بمن يثق فيك قلت فرص خذلانك.
احترام من يحترمك يجعل العلاقات ارقى واقل ضررا، ان قدرك من تقدره قلت سُمِّية العلاقةولم يكن العطاء متعبا، حتى المعاملات و الاخلاق وان قمنا بها انطلاقا من مبادئنا أو طباعنا، فمن تعامله و هو يعاملك بالمثل كمن تكرمه و تأتمنه وتكون اسهل وأمتع وزاد الورع فيها والتماس ما يوطدها، بل حتى الحب بين كل الناس وفي كل العلاقات الانسانية ليس فقط بين المراة والرجل ان لم يكن متبادلا كان متعبا.
ففي العلاقات الانسانية فقط لا يجوز العطاء دون الاخذ، ليس المادي انما المعنوي فإن لم يبادلك الطرف الاخر نفس ما ابذلته تعبت وصرت تصارع التعب ثم يجد الشيطان باب التخريب بين الناس مفتوحا على مصراعيه و كل الاوضاع تقول له هيت لك فرِّق و خرِّب كيفما شئت.
هنا اقول العلاقات وليس المعاملات او المبادئ لانها تكون رهينة بأخلاقك و مبادئك و طباعك و مراقبتك الله في تعاملاتك حيث انك تعامل الكل كما يجب و ان لم يعاملوك بالمثل فانت وان تسلل التعب إليك لن يجعلك تتوقف لانك تتعامل لله و مع الله و الله يجزي و يعطي القوة و القدرة على الاستمرار، اما العلاقات الانسانية التبادلية فإما ان يعطي و تاخذ لتعيشها بسلام و راحة و تكون صحية و إما ان تتعبك فتجد نفسك تصارع التعب للاستمرار فيها ، فإما أن تَهزم التعب و هنا يجب أن يساعدك من تبادله العلاقة و هذا لا يكون إلا إذا كان هذا طرف يبادلك أشياء و إن لم يبادلك أخرى مثلا كأن لم يكن يقدر مجهوداتك و انت تقدرها له فهو يبادلك الحب ، ان لم يكن يثق فيك و ان وثقت فيه فهو يحترمك و لا يؤذيك وووو ليس بالضرورة المقاربات التي وضعت قد تكون اشياء اخرى مع اخرى، و لكن على الأقل تجد اشياء تجعلك تحارب تعب العلاقات.. فإن تعبت من ان تبرر تواياك و تصرفاتك لمن لا يثق بك، و تعبت من استئمان من لا يستأمنك او من التسليم لمن يحذر منك، او من تقدير من لا يقدرك او يقدر مجهودك او حتى من محبة من لا يحبك فستجد نفسك في علاقات لا يسودها سلام بل ستحسها كقيود حول عنقك منها ما قد تستطيع فكه كالصداقات ان صارت مضرة، المعارف، منها ما قد تحاول تخفيف ربطته كالاقارب البعيدين، الجيران، الاصهار، الرحم الغير مؤكدة، لكن ماذا عمن لا نستطيع ذلك معهم ماذا عمن قيودنا معهم ربطها الله و القدر كالاهل والاخوة و الابناء و الازواج، ماذا ان كنا نحن من تفنن في ربطها و الفنا ان يكون حبلها قصيرا لتكون اريح ولشدة تعلقنا بان الموطن ها هنا حيث نراه و نحس الدفئ، فلطالما سمعنا ان الوطن يُحمْل في القلوب ولطالما قلت ان القلوب التي نحملها و تحملنا هي اوطان ايضا، ماذا ان صار قيد الاحترام يخنقنا و صار حبل التقدير يقطع شراييننا وصار حتى سوار المحبة قيدا يكبل العلاقات و يخنقها؟
هنا تجد الشخص اما ان يثور ويضطهد وينزع كل القيود و فر ليجد نفسه قطع ما امر الله به ان يوصل و يكون التعب اتعابا ؟ اما ايحارب بكل الطرق المشروعة ويطلب العون من الله حتى ان راى الله ان لا فائدة من هذا الصراع من التعب هيّْأ له من امره رشدا و سبلا لا تقطع العلاقات و لكنها مسكنة الم، و اما ان يفرغ الله عليه صبرا فيستمر في القتال الى ان تنتهي صلاحيته او صلاحية الاخرين.
هذه امور مسلمة و لكن تدخلي هو لماذا نجعل علاقاتنا متعبة لماذا نجعلها قيودا تتعبنا ان صمدنا و تخنقنا ان ابتعدنا، لماذا لا نباذر بالحسنى في المعاملات و النيات فان اخطأنا على الاقل لم نتعب من حولنا،و لنا في ذلك اسوة حسنة رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة و السلام، لماذا لا نباذر بالاحترام و التقدير و الثقة في مواضعها و مع اهلها بالطبع لان هذه بالضبط لا يجوز رشها هكذا في شارع العلاقات و المعاملات، لماذا لا نبادر بالمحبة فان لم يكن لانفسنا على الاقل لمن حولنا لجعل الاجواء التي نكون فيها طيبة مريحة خالاية من ملوثات الظنون و التفسيرات و حقن التبريرات التي قد لا تهدأ الظنون لكنها تترك الم في جسد العلاقات على من يكون مجبرا عليها عند كل تصرف، و قد تقتل الاحساس بالالفة و الراحة.
عاملوا الناس على الظواهر فان بذر منهم خير فلا تبحثوا عن نواياهم و لا تكونوا شرطة النوايا و تعاملوا الناس على انهم متهمون قبل ان تثبت ادانتهم لكي لا تظلموهم و تظلموا انفسكم و علاقاتكم.