مدحت العدل
أؤمن أن الكاتب يجب أن يكون متنوعاً فيما يقدمه، كتبت كوميدي ودراما وأكشن وناقشت قضايا تنويرية مجتمعية، هذا التنوع جاء من بيتي أولاً، يعني أنا والدي كان مهندس وكان المسئول السياسي عن الاتحاد الاشتراكي في الأزبكية، وأخي سامي يدرس في معهد فنون مسرحية، ورمزي الأكبر كان ممثلاً، وأنا أدرس الطب، فالحوار الموجود على ترابيزة السفرة أثناء تناول الفطار أو الغداء حواراً متنوعاً لأقصى درجة.
السر الثاني وراء التنوع هو القراءة، عندما تقرأ في كل شيء تكون قادراً على الكتابة عن كل شيء. عندما كنت صغيراً كانوا يلقبونني بـ”دودة القراية”، قرأت كمية رهيبة من الكتب، بداية من كتب المكتبة المدرسية، مروراً بكتب المعهد الخاصة بأشقائي، فضلاً عن الأعمال الأدبية الكاملة، والفسلفة، والسياسة، ثم تكتشف عندما تكبر أن كل هذه الخطوط متصلة ببعضها البعض. فأنا ابن لهذه المدرسة، مدرسة التنوع الثقافي والفكري والفني.
شبرا لها تأثير طبع في مسألة التنوع، التعددية موجودة في شبرا، قبول الآخر، البيت الذي تربيت فيه كان كل العائلات من جيراننا مسيحيين باستثناء نحن وعائلة أخرى، وكان ساكن في هذا البيت وكيل وزارة وترزي، كانت مصر واحدة بتنويعات كثيرة، لم يكن هناك مسلم ومسيحي، أو سكان كومباوند الفيلا فيه بـ50 مليون وسكان عشوائيات، كلنا كنا شبه بعض رغم التنوع الكبير، هذه المسألة أثرت في شخصيتي وكتابتي، ليس للسينما فقط، لكن للشعر أيضاً، وتحديداً ف ديواني الشعري “شبرا مصر”.
أنا أحب الشعر جداً، الديوان كان مرآة للواقع الذي تربيت فيه، مثلاً طنط أولجا، سيدة لا تنجب، وحيدة، لكن معها كلبة، كنا نراها تتحدث وتضحك مع هذه الكلبة، كنا نعتقد أنها مجنونة عندما كنا أطفالاً، لكن حين كبرت أدركت أنها سيدة عظيمة خلقت عالمها بنفسها. شخصيات كثيرة كتبت عنها في الشعر والسينما وسرقتها من شبرا، هذا الحي كأنه حتة من مصر وضعتها تحت الميكرسوب ودرست كل تفصيلة من تفاصيلها. خاصة أني نشأت في قلب شبرا، تحديداً منطقة خلوصي شارع الترعة، لعبنا كرة في كل شوارع شبرا، ودخلنا كل السينمات التي أغلقت أغلبها وتحولتها إلى مصانع أحذية ومحلات تجارية.