كتب – جمال القيسي
إلى الشقيقات اللواتي رحلن بعيدا. بسمة ونوال وفضية.
إلى عيونهن الجميلة ذات الابتسامات الجارحة في ألبوم الصور القديمة، إلى أصواتهن وهي تطرق سمع القلب كأنهن في غرفة مجاورة، إلى صمتهَن الجارح وهن لا يقدرن على رد تحية الصباح الدامعة. لهن شوق الصادي، وحرقة المفجوع، ونشيج القلب، ورمادية النهار، وقسوة الغروب، وثقل المساء، ووحشة الليل، ولي منهن الذكريات الحلوة، وضحكات العمر، وليالي السمر التي انطوت في صحارى الغياب الأبدي الأليم. لي منهن مذاق الرفقة الطيبة في رحلة الحياة التي ركضت بعيدا عنا، وأخذنا العمر على غفلة من النسيان.
لي منهن محبتهن العظيمة، وأرواحهن العذبة النقية، كن أشجارا وارفة المعاني، مشعات بالأمل، ساحرات الحضور، لاذعات النكتة. من أين كنا نأتي بكل ذاك الضحك!
كيف ورثنا كل هذه السذاجة والطيبة وتقاسمناها معا دون أن نفكر أننا على درجة عالية من الغفلة!
غافلتنا الحياة وهبطت كل مسافرة من قطار رحلتنا في محطة مختلفة، ومضي القطار متثاقلا بعد كل وداع. سيتوقف لابد بلا مسافرين. “والعمر أطفال هربوا من القبلة”!
وداعا لصيف دالية جمعتنا تحت عناقيد محبتها مرات غالية. وداعا لربيع المسرات وقد تفتحت وروده كما حدائق قلوبهن التي لم تثمر يوما غير المحبة الوارفة.
“يا ناطرين التلج ما عاد بدكن ترجعوا.. صرخ عليهن بالشتي يا ديب بلكي بيسمعوا”!