كتب – جلال الشايب
يحكى الناقد الأدبى الدكتور رشاد رشدى، أنه عندما كان طالبا فى الليسانس بكلية الآداب فى جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا) فى الثلاثينات من القرن الماضى، كان يدرس المدارس الأدبية المختلفة على يد أستاذ إنجليزى، وكان هذا الأستاذ يساريا ماركسيا منحازا فى محاضراته لمدرسة الواقعية الاشتراكية فى الأدب، وكان الطالب رشاد رشدى على النقيض من أستاذه منحازا لمفهوم الفن للفن، الذى يعتبر أن وظيفة الفن هى تحقيق الجمال بعيدا عن أى قضية سياسية أو اجتماعية.
وفى هذا الوقت كان الصراع مشتعلا بين المدرستين: الواقعية الاشتراكية والفن للفن، وحان موعد الامتحان ودخل رشاد رشدى ليمتحن أمام أستاذه الإنجليزى امتحانا شفويا، ولما سأله عن الواقعية الأشتراكية انهال رشاد رشدى عليها بالنقد الشديد، وظل الأستاذ يتابعه باهتمام وهو يسفه فى الواقع أفكاره التى ألقاها على الطلبة فى محاضرات عديدة، ثم شكره وصرفه.
وظهرت النتيجة فإذا بالأستاذ الإنجليزى يعطى رشاد رشدى الدرجة النهائية، فرح رشاد رشدى بالنتيجة جدا لكنه اندهش فذهب إلى أستاذه شاكرا ومستوضحا، فقال الأستاذ وهو يبتسم: “إن وظيفتى هنا ليست أن أجعلك تفكر مثلى ولكن أن أعلمك كيف تفكر، أنت لا توافق على آرائى، فنحن مختلفان حول مفهوم الفن، لكنك استطعت أن تدافع عن رأيك بمنطق علمى واضح، ولذلك فأنت تستحق الدرجة النهائية”.